الحلقة الخامسة
القطار الأمريكي من افغانستان .. الى العراق وبلاد الشام
... أعلنت الأدارة الأمريكية الحرب على ( الأرهاب ) ، واستباحت أرض أفغانستان وشعبها بعد أن استطاعت ترويض الحكومة الباكستانية عن طريق ( الترهيب والترغيب ) ، وتمكنت من استعمال الأرض الباكستانية وأجوائها في عدوانها على الجار الأفغاني ، وبذلك أُعلنت حالة الطلاق بين الدولتين الجارتين والشقيقتين ، واستطاع العم سام دقّ اسفين بين المربي الباكستاني والتلميذ الطالباني
... احتلت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية الأرض الأفغانية وطردت المقاومة الى الأطراف وأعالي الجبال والكهوف والوديان التي اتخذت منها المقاومة قواعد ارتكاز وانطلاق لمقارعة قوات التحالف في حرب استنزافية طويلة تستند الى اسلوب الكر والفر والمباغتة ، وضرب العدو في نقاط ضعفة ونظمه اللوجستية .. !
.. ( صنعت الأدارة الأمريكية ) برلماناً أفغانيا ، ونصّبت نظاماً بقيادة كرزاي ، وشكلت جيشاً أفغانيا جُلّ قوامه من الفصائل الأفغانية السابقة ذات الأثنيات والقوميات المتصارعة مع البشتون وحركة الطالبان وقامت بمده بأسلحة أكثر تطوراً ، ضمن استراتيجية تهدف الى :
1 – وضع مقاتلي الفصائل الأفغانية في مواجهة فلول الطالبان لأنهم الأقدر على ذلك ، باعتبار أنهم اكثر خبرة في قتال فصائل مثيلة ، والأكثر معرفة بجغرافية المنطقة ، والأكثر دراية باسلوب وخطط وتكتيكات الطالبان القتالية .. !
2 – تخفيف العبء عن قوات التحالف في حرب استنزافية ، يسمح لهذه القوات بالأنتقال لفتح جبهة خارجية أخرى .. ( العراق ) .. !
* القطار العسكري الأمريكي ينطلق الى العراق :
.. حسب التقديرات والقراءة التحليلية الأمريكية ، فان غزو العراق واحتلاله سيكون أمرا في غاية السهولة وبمثابة نزهة عسكرية للأسباب التالية
( وكل ذلك وفق القراءة الأمريكية )
1 – ان العراق بلد محكوم بالعداء مع الدول الست المحيطة به ، اما بسبب اعتداءات سابقة مثل ايران والكويت ، اولأسباب ايدولوجية وعقائدية مثل سوريا وأيران ، او لأسباب مائية وأطماع استراتيجية مثل سوريا وتركيا والأردن ، أو لأسباب استراتيجية لها علاقة بقيادة الأقليم مثل السعودية . سوريا . ايران . تركيا .. ! ، وهذا أمر يجعل من حدود العراق حدوداً مغلقة لاتسمح له بالأستفادة من محيطه أرضاً كان أو جواً ، ألأمر الذي يضعف نظمه اللوجستية الى حد كبير !
2 – أما على مستوى الداخل ،، فان العراق مليء بالأثنيات والقوميات المتعارضة فيما بينها والمعارِضة لنظام البعث الحاكم ، ما يعني أن هناك أكثر من معارضة ( معارضات ) ، تتقاطع فيما بينها على التناقض مع ( النظام الدكتاتوري الشمولي الحاكم ) ، الأمر الذي يعني أن المعارضة العراقية العاجزة عن ازاحة النظام الحاكم سترحب وتمد المساعدة لأي جهة أو قوة قادرة على الأطاحة بالنظام ، فضلاً عن العملاء والمجندين .. ما يعني ان قوات التحالف سيكون مرحباً بها في أحضان الشعب العراقي وعلى الأرجح سيكون الشعب العراقي دليلاً ومصدر معلومات لقوات التحالف !
3 – أما على مستوى المعنويات ومقومات المواجهة ،، فان العراق كان قد تعرض لضربة عسكرية قوية في العام 1991 أتت على قدراتة العسكرية واللوجستية ، وأعقب ذلك حصاراً امتد 12 عاماً حرمه من اعادة ترميم وتطوير وتأهيل قدراته العسكرية وقواته المسلحة ، وأنهكته اقتصادياً بشكل كبير وأضعفت الى حد كبير معنوياته شعباً وجيشاً ، الأمر الذي سيجعل من دخول قوات التحالف الى العراق اشبه بدخول ( الموسى بمكعب الزبدة ) !
4 – صمت العالم على التجاوزات الأمريكية لأستخدامها القوة المفرطة والأسلحة الغير تقليدية واستهدافها للمنشآت المدنية باعتبار رعب العالم من هذا الذئب المطعون بكرامته وكبريائه في أعقاب ضربات 11 ايلول ، سيطوع دول الجوار والعالم لمساندة وتأييد قوات التحالف ضد العراق ، وسيجعل العراق مهزوماً بالرعب وبالحصار والعزلة السياسية الدولية !
* الماكينة الأعلامية :
استناداً لهذه القراءة ، واستكمالاً للمشروع الأمريكي .. ازدادت وتيرة الآلة الأعلامية الأمريكية ضد العراق الشقيق ،، فأصبح العراق ( وفق الأعلام الغربي ) يمتلك السلاح النووي والأسلحة المحرمة ، بل واستخدم بعض هذه الأسلحة ضد شعبه ، وأصبح نظاما ديكتاتوريا يقمع شعبه ومعارضيه بالحديد والنار ، ويتنكر لحقوق الأنسان العراقي ،ـ والأهم من ذلك أننا اكتشفنا فجأة ( والفضل للأعلام الأمريكي ) أن النظام العراقي حليفاً وداعما لتنظيم القاعدة ! بل ويقف خلف تفجيرات وعمليات " القاعدة " في العمق الأمريكي في 11 أيلول ، وأنه أيضا وراء ( الجمرة الخبيثه ) التي أرهبت المواطن الأمريكي والغربي .. !
* الى العراق :
على هذا الأيقاع الصاخب والسمفونية النشاز اندفع القطار الأمريكي الى العراق الشقيق متسلحا باليورانيوم وأسلحة الدمار الشامل والقاذفات الأستراتيجية وربع مليون جندي ، وأخذ يصب حممه على شعب العراق ، ويفجر براكينه في أرض العراق ، ويزلزل الأرض والشعب ويستبيح كل شيء ليعلن في 9/4/2003 احتلال العراق ونهاية العمليات القتالية ،،،
ليُفاجأ في 10/4/2003 أي في اليوم التالي مباشرة أن العراق العريق في عروبته وكبريائه ومقارعته للأعداء ، يعلن عن نظريته القتالية التي أعدها سلفاً للأعداء ، وعن جدليته في الصراع مع الدول الأستعمارية المتجبرة بقوتها ، (ليعلن حل الجيش والتحول وفق الخطة المعدة الى فصائل وسرايا مقاومة شعبية مناطقية لتحييد دور الأسلحة المتطورة التي يتميز بها الخصم ، ومجادلة الأعداء بحرب استنزافية طويلة ) !!
، وبذلك تكون النظرية القتالية الأمريكية استنفذت بعد أن وصلت نهايتها ، ولكن النظرية القتالية العراقية انطلقت وفرضت نفسها على الخصم الذي لايزال حتى الآن يدفع ثمناً باهظا لا طاقة له به !!
، كما اكتشفت الأدارة الأمريكية أن كون الشعوب تتعارض مع أنظمتها لا يعني أنها ترحب بالمحتل ، وأن الدول المجاورة وان كانت معادية فهذا لا يعني أنها تسمح بوجود محتل الى جوارها أكثر عداءً وأكثر قوة !! ذلك لأن مصالح هذه الدول تتناقض مع مصلحة المحتل !!
،فاكتشف الأمريكي أن دول الجوار العراقي تدعم بعض فصائل المقاومة في العراق كل وفق أجندة خاصة به ، الأمر الذي جعل الأمريكي بعد التجربة العراقية يعيد قراءته قبل التوجه بقطاره الى بلاد الشام التي تشكل تجانساً جغرافيا وثقافيا وتاريخيا والتصاقا بالجغرافيا الفلسطينية ومقاومتها ، ولا وجود لأثنيات أو قوميات أو تناقضات كما هو الحال في العراق
بالأضافة الى حالة الأحتقان لدى شعوب هذه المنطقة ضد الولايات المتحدة ، وخاصة بعد سقوط ادعاءات الديمقراطية وحقوق الأنسان والرفاه الأقتصادي ، بعد تجربة احتلال العراق والأطاحة بنظام الحكم فيه
... في العدد القادم : الأقطاب الثلاث في المشروع الأمريكي .. ايران .. تركيا .. والكيان الصهيوني
15:29
3asefa
0 comments:
Post a Comment